الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال ابن هشام : وبلغني أن خيلا طلعت ومالك وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا : نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم ، طويلة بوادهم ؛ فقال : هؤلاء بنو سليم ، ولا بأس عليكم منهم ؛ فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي . ثم طلعت خيل أخرى تتبعها ؛ فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً عارضي رماحهم أغفالاً على خيلهم ؛ فقال : هؤلاء الأوس والخزرج ، ولا بأس عليكم منهم . فلما انتهوا إلى الثنية سلكوا طريق بني سليم . ثم طلع فارس ؛ فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى فارساً طويل الباد ، واضعاً رمحه على عاتقه ، عاصباً رأسه بملاءة حمراء فقال : هذا الزبير بن العوام واحلف باللات ليخالطنكم ، فاثبتوا له . فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم ، فصمد لهم ، فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها . قال ابن إسحاق : وقال سلمة بن دريد وهو يسوق بامرأته حتى أعجزهم : نسيتني ما كنت غير مصابة * ولقد عرفت غداة نعف الأظرب أني منعتك والركوب محبب * ومشيت خلفك مثل مشي الأنكب إذ فر كل مهذب ذي لمة * عن أمه وخليله لم يعقب قال ابن هشام : وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر ، وحديثه : أن أبا عامر الأشعري لقي يوم أوطاس عشرة أخوة من المشركين ، فحمل عليه أحدهم ، فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر ؛ ثم حمل عليه آخر ، فحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر : ثم جعلوا يحملون عليه رجلاً رجلاً ، ويحمل أبو عامر وهو يقول ذلك ، حتى قتل تسعة ، وبقي العاشر ، فحمل على أبي عامر ، وحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ؛ فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي ، فكف عنه أبو عامر فأفلت ؛ ثم أسلم بعد فحسن إسلامه . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال : هذا شريد أبي عامر . ورمى أبا عامر أخوان : العلاء وأوفى ابنا الحارث ، من بني جشم بن معاوية ، فأصاب أحدهما قلبه ، والآخر ركبته ، فقتلاه . وولي الناس أبو موسى الأشعري فحمل عليهما فقتلهما ؛ فقال رجل من بني جشم بن معاوية يرثيهما : إن الرزية قتل العلاء * وأوفى جميعا ولم يسندا هما القاتلان أبا عامر * وقد كان ذا هبة أربدا هما تركاه لدى معرك * كأن على عطفه مجسدا فلم تر في الناس مثليهما * أقل عثارا وأرمى يدا نهيه عليه السلام عن قتل الضعفاء : قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد ، والناس متقصفون عليها فقال : ما هذا ؟ فقالوا : امرأة قتلها خالد بن الوليد ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من معه : أدرك خالداً ، فقل له : إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً . قال ابن إسحاق : وحدثني بعض بني سعد بن بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : إن قدرتم على بجاد ، رجل من بني سعد بن بكر ، فلا يفلتنكم ، وكان قد أحدث حدثاً ، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله ، وساقوا معه الشيماء ، بنت الحارث بن عبدالعزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، فعنفوا عليها في السياق ؛ فقالت للمسلمين : تعلموا والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة ؛ فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن عبيد السعدي ، قال : فلما انتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : يا رسول الله ، إني أختك من الرضاعة ؛ قال : وما علامة ذلك ؟ قالت : عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك ؛ قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة ، فبسط لها رداءه ، فأجلسها عليه ، وخيرها ، وقال : إن أحببت فعندي محبة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت ؛ فقالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي . فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وردها إلى قومها . فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما له يقال له مكحول ، وجارية ، فزوجت أحدهما الأخرى ، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية . قال ابن هشام : وأنزل الله عز وجل في يوم حنين : قال ابن إسحاق : وهذه تسمية من استشهد يوم حنين من المسلمين : من قريش : ثم من بني هاشم : أيمن بن عبيد . ومن بني أسد بني عبدالعزى : يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ، جمح به فرس له يقال له الجناح ، فقتل . ومن الأنصار : سراقة بن الحارث بن عدي ، من بني العجلان . ومن الأشعريين : أبو عامر الأشعري . ثم جمعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا حنين وأموالها ، وكان على المغانم مسعود بن عمرو الغفاري ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال إلى الجعرانة ، فحبست بها . وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين : لولا الإله وعبده وليتم * حين استخف الرعب كل جبان بالجزع يوم حبا لنا أقراننا * وسوابح يكبون للأذقان من بين ساع ثوبه في كفه * ومقطر بسنابك ولبان والله أكرمنا وأظهر ديننا * و أعزنا بعبادة الرحمن والله أهلكهم وفرق جمعهم * و أذلهم بعبادة الشيطان قال ابن هشام : ويروى فيها بعض الرواة : إذ قام عم نبيكم ووليه * يدعون يا لكتيبة الإيمان أين الذين هم أجابوا ربهم * يوم العريض وبيعة الرضوان قال ابن إسحاق : وقال عباس بن مرداس في يوم حنين : إني والسوابح يوم جمع * وما يتلو الرسول من الكتاب لقد أحببت ما لقيت ثقيف * بجنب الشعب أمس من العذاب هم رأس العدو من أهل نجد * فقتلهم ألذ من الشراب هزمنا الجمع جمع بني قسي * وحكت بركها ببني رئاب وصرما من هلال غادرتهم * بأوطاس تعفر بالتراب ولو لاقين جمع بني كلاب * لقام نساؤهم والنقع كابي ركضنا الخيل فيهم بين بس * إلى الأورال تنحط بالنهاب بذى لجب رسول الله فيهم * كتيبته تعرض للضراب قال ابن هشام : قوله : تعفر بالتراب : عن غير ابن إسحاق . عطية بن عفيف النصري يرد على شعر عباس بن مرداس : فأجابه عطية بن عفيف النصري ، فيما حدثنا ابن هشام ، فقال : أفاخرة رفاعة في حنين * وعباس ابن راضعة اللجاب فإنك والفجار كذات مرط * لربتها وترفل في الإهاب قال ابن إسحاق : قال عطية بن عفيف هذين البيتين لما أكثر عباس على هوازن في يوم حنين . ورفاعة من جهينة . قال ابن إسحاق : وقال عباس بن مرداس أيضاً : يا خاتم النباء إنك مرسل * بالحق كل هدى السبيل هداكا إن الإله بنى عليك محبة * في خلقه ومحمداً سماكا ثم الذين وفوا بما عاهدتهم * جند بعثت عليهم الضحاكا رجلاً به ذرب السلاح كأنه * لما تكنفه العدو يراكا يغشى ذوي النسب القريب وإنما * يبغى رضا الرحمن ثم رضاكا أنبيك أني قد رأيت مكرة * تحت العجاجة يدمغ الإشراكا طوراً يعانق باليدين وتارة * يفرى الجماجم صارما بتاكا يغشى به هام الكماة ولو ترى * منه الذي عاينت كان شفاكا وبنو سليم معنقون أمامه * ضربا وطعنا في العدو دراكا يمشون تحت لوائه وكأنهم * أسد العرين أردن ثم عراكا ما يرتجون من القريب قرابة * إلا لطاعة ربهم وهواكا هذي مشاهدنا التي كانت لنا * معروفة وولينا مولاكا وقال عباس بن مرداس أيضاً : إما ترى يا أم فروة خيلنا * منها معطلة تقاد وظلع أوهى مقارعة الأعادي دمها * فيها نوافذ من جراح تنبع فلرب قائلة كفاها وقعنا * أزم الحروب فسربها لا يفزع لا وفد كالوفد الألى عقدوا لنا * سببا بحبل محمد لا يقطع وفد أبو قطن حزابة منهم * وأبو الغيوث وواسع والمقنع والقائد المائة التي وفى بها * تسع المئين فتم ألف أقرع جمعت بنو عوف ورهط مخاشن * ستا وأحلب من خفاف أربع فهناك إذ نصر النبي بألفنا * عقد النبي لنا لواء يلمع فزنا برايته وأورث عقده * مجد الحياة وسودداً لا ينزع وغداة نحن مع النبي جناحه * ببطاح مكة والقنا يتهزع كانت إجابتنا لداعى ربنا * بالحق منا حاسر ومقنع في كل سابغة تخير سردها * داود إذ نسج الحديد وتبع ولنا على بئري حنين موكب * دمغ النفاق وهضبة ما تقلع نصر النبي بنا وكنا معشرا * في كل نائبة نضر وننفع ذدنا غداتئذ هوازن بالقنا * والخيل يغمرها عجاج يسطع إذ خاف حدهم النبي وأسندوا * جمعا تكاد الشمس منه تخشع تدعى بنو جشم وتدعى وسطه * أفناء نصر والأسنة شرع حتى إذا قال الرسول محمد * أبني سليم قد وفيتم فارفعوا رحنا ولولا نحن أجحف بأسهم * بالمؤمنين وأحرزوا ما جمعوا وقال عباس بن مرداس أيضاً في يوم حنين : عفا مجدل من أهله فمتالع * فمطلا أريك قد خلا فالمصانع ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا * رخي وصرف الدار للحي جامع حبيبة ألوت بها غربة النوى * لبين فهل ماض من العيش راجع فإن تبتغي الكفار غير ملومة * فإني وزير للنبي وتابع دعاني إليهم خير وفد علمتهم * خزيمة والمرار منهم وواسع فجئنا بألف من سليم عليهم * لبوس لهم من نسج داود رائع نبايعه بالأخشبين وإنما * يد الله بين الأخشبين نبايع فجسنا مع المهدي مكة عنوة * بأسيافنا والنقع كاب وساطع عدنية والخيل يغشى متونها * حميم وآن من دم الجوف ناقع ويوم حنين حين سارت هوازن * إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا * قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا * لواء كخذروف السحابة لا معض عشية ضحاك بن سفيان معتص * بسيف رسول الله والموت كانع نذود أخانا عن أخينا ولو نرى * مصالاً لكنا الأقربين نتابع ولكن دين الله دين محمد * رضينا به فيه الهدى والشرائع أقام به بعد الضلالة أمرنا * وليس لأمر حمه الله دافع وقال عباس بن مرداس أيضاً في يوم حنين : تقطع باقي وصل أم مؤمل * بعاقبة واستبدلت نية خلفا وقد حلفت بالله لا تقطع القوى * فما صدقت فيه ولا برت الحلفا خفافية بطن العقيق مصيفها * وتحتل في البادين وجرة فالعرفا فإن تتبع الكفار أم مؤمل * فقد زودت قلبي على نأيها شغفا وسوف ينبيها الخبير بأننا * أبينا ولم نطلب سوى ربنا حلفا وأنا مع الهادي النبي محمد * وفينا ولم يستوفها معشر ألفا بفتيان صدق من سليم أعزة * أطاعوا فما يعصون من أمره حرفا خفاف وذكوان وعوف تخالهم * مصاعب زافت في طروقتها كلفا كأن النسيج الشهب والبيض ملبس * أسوداً تلاقت في مراصدها غضفا بنا عز دين الله غير تنحل * وزدنا على الحي الذي معه ضعفا بمكة إذ جئنا كأن لواءنا * عقاب أرادت بعد تحليقها خطفا على شخص الأبصار تحسب بينها * إذا هي جالت في مراودها عزفا غداة وطئنا المشركين ولم نجد * لأمر رسول الله عدلا ولا صرفا بمعترك لا يسمع القوم وسطه * لنا زجمة إلا التذامر والنقفا ببيض تطير الهام عن مستقرها * ونقطف أعناق الكماة بها قطفا فكائن تركنا من قتيل ملحب * وأرملة تدعو على بعلها لهفا رضا الله ننوي لا رضا الناس نبتغي * ولله ما يبدو جميعا وما يخفى وقال عباس بن مرداس أيضاً : ما بال عينك فيها عائر سهر * مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر عين تأوبها من شجوها أرق * فالماء يغمرها طوراً وينحدر كأنه نظم در عند ناظمة * تقطع السلك منه فهو مئتثر يا بعد منزل من ترجو مودته * ومن أتى دونه الصمان فالحفر دع ما تقدم من عهد الشباب فقد * ولى الشباب وزار الشيب والزعر واذكر بلاء سليم في مواطنها * وفي سليم لأهل الفخر مفتخر قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا * دين الرسول وأمر الناس مشتجر لا يغرسون فسيل النخل وسطهم * لا تخاور في مشتاهم البقر إلا سوابح كالعقبان مقربة * في دارة حولها الأخطار والعكر تدعى خفاف وعوف في جوانبها * وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر الضاربون جنود الشرك ضاحية * ببطن مكة والأرواح تبتدر حتى دفعنا وقتلاهم كأنهم * نخل بظاهرة البطحاء منقعر ونحن يوم حنين كان مشهدنا * للدين عزا وعند الله مدخر إذ نركب الموت مخضرا بطائنه * والخيل ينجاب عنها ساطع كدر تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا * كما مشى الليث في غاباته الخدر في مأزق من مجر الحرب كلكلها * تكاد تأفل منه الشمس والقمر وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا * لله ننصر من شئنا وننتصر حتى تأوب أقوام منازلهم * لولا المليك ولولا نحن ما صدروا فما ترى معشراً قلوا ولا كثروا * إلا قد أصبح منا فيهم أثر وقال عباس بن مرداس أيضاً : يا أيها الرجل الذي تهوي به * وجناء مجمرة المناسم عرمس إما أتيت على النبي فقل له * حقاً عليك إذا اطمأن المجلس يا خير من ركب المطي ومشى * فوق التراب إذا تعد الأنفس إنا وفينا بالذي عاهدتنا * والخيل تقدع بالكماة وتضرس إذ سال من أفناء بهثة كلها * جمع تظل به المخارم ترجس حتى صبحنا أهل مكة فيلقا * شهباء يقدمها الهمام الأشوس من كل أغلب من سليم فوقه * بيضاء محكمة الدخال وقونس يروي القناة إذا تجاسر في الوغى * وتخاله أسداً إذا ما يعبس يغشى الكتيبة معلما وبكفه * عضب يقد به ولدن مدعس وعلى حنين قد وفى من جمعنا * ألف أمد به الرسول عرندس كانوا أمام المؤمنين دريئة * والشمس يومئذ عليهم أشمس نمضي ويحرسنا الإله بحفظه * والله ليس بضائع من يحرس ولقد حبسنا بالمناقب محبسا * رضي الإله به فنعم المحبس وغداة أوطاس شددنا شدة * كفت العدو وقيل منها : يا احبسوا تدعو هوازن بالأخاوة بيننا * ثدي تمد به هوازن أيبس حتى تركنا جمعهم وكأنه * عير تعاقبه السباع مفرس قال ابن هشام : أنشدني خلف الأحمر قوله : وقيل منها يا احبسوا . قال ابن إسحاق : وقال عباس بن مرداس أيضاً : نصرنا رسول الله من غضب له * بألف كمي لا تعد حواسره جملنا له في عامل الرمح راية * يذود بها في حومة الموت ناصره ونحن خضبناها دما فهو لونها * غداة حنين يوم صفوان شاجره وكنا على الإسلام ميمنة له * وكان لنا عقد اللواء وشاهره وكنا له دون الجنود بطانة * يشاورنا في أمره ونشاوره دعانا فسمانا الشعار مقدما * وكنا له عونا على من يناكره جزى الله خيرا من نبي محمداً * وأيده بالنصر والله ناصره قال ابن هشام : أنشدني من قوله : وكنا على الإسلام . إلى آخرها ، بعض أهل العلم بالشعر ، ولم يعرف البيت الذي أوله : حملنا له في عامل الرمح راية ، وأنشدني بعد قوله : وكان لنا عقد اللواء وشاهره ، ونحن خضبناه دما فهو لونه . قال ابن إسحاق : وقال عباس بن مرداس أيضاً : من مبلغ الأقوام أن محمدا * رسول الإله راشد حيث يمما دعا ربه واستنصر الله وحده * فأصبح قد وفى إليه وأنعما سرينا وواعدنا قديداً محمداً * يؤم بنا أمراً من الله محكما تماروا بنا في الفجر حتى تبينوا * مع الفجر فتيانا وغابا مقوما على الخيل مشدودا علينا دروعنا * ورجلا كدفاع الأتي عرمرما فإن سراة الحي إن كنت سائلا * سليم وفيهم منهم من تسلما وجند من الأنصار لا يخذلونه * أطاعوا فما يعصونه ما تكلما فإن تك قد أمرت في القوم خالدا * وقدمته فإنه قد تقدما بجند هداه الله أنت أميره * تصيب به في الحق من كان أظلما حلفت يمينا برة لمحمد * فأكملتها ألفا من الخيل ملجما وقال نبي المؤمنين تقدموا * وحب إلينا أن نكون المقدما وبتنا بنهي المستدير ولم يكن * بنا الخوف إلا رغبة وتحزما أطعناك حتى أسلم الناس كلهم * وحتى صبحنا الجمع أهل يلملما يضل الحصان الأبلق الورد وسطه * ولا يطمئن الشيخ حتى يسوما سمونا لهم ورد القطا زفة ضحى * وكل تراه عن أخيه قد أحجما لدن غدوة حتى تركنا عشية * حنينا وقد سالت دوافعه دما إذا شئت من كل رأيت طمرة * وفارسها يهوي ورمحا محطما وقد أحرزت منا هوازن سربها * وحب إليها أن نخيب ونحرما قال ابن إسحاق : وقال ضمضم بن الحارث بن جشم بن عبد بن حبيب بن مالك بن عوف بن يقظة بن عصية السلمي في يوم حنين ، وكانت ثقيف أصابت كنانة بن الحكم بن خالد بن الشريد ، فقتل به محجنا وابن عم له ، وهما من ثقيف : نحن جلبنا الخيل من غير مجلب * إلى جرش من أهل زيان والفم نقتل أشبال الأسود ونبتغي * طواغي كانت قبلنا لم تهدم فإن تفخروا بابن الشريد فإنني * تركت بوج مأتما بعد مأتم أباتهما بابن الشريد وغره * جواركم وكان غير مذمم تصيب رجالاً من ثقيف رماحنا * وأسيافنا يكلمنهم كل مكلم وقال ضمضم بن الحارث أيضاً : أبلغ لديك ذوي الحلائل آية * لا تأمنن الدهر ذات خمار بعد التي قالت لجارة بيتها * قد كنت لو لبث الغزي بدار لما رأت رجلا تسفع لونه * وغر المصيفة والعظام عواري مشط العظام تراه آخر ليله * متسربلا في درعه لغوار إذ لا أزال على رحالة نهدة * جرداء تلحق بالنجاد إزاري يوما على أثر النهاب وتارة * كتبت مجاهدة مع الأنصار وزهاء كل خميلة أزهقتها * مهلاً تمهله وكل خبار كيما أغير ما بها من حاجة * وتود أني لا أؤوب فجار قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة ، قال : أسر زهير بن العجوة الهذلي يوم حنين ، فكتف ، فرآه جميل بن معمر الجمحي ، فقال له : أأنت الماشي لنا بالمغايظ ؟ فضرب عنقه ؛ فقال أبو خراش الهذلي يرثيه ، وكان ابن عمه : عجف أضيافي جميل بن معمر * بذي فجر تأوي إليه الأرامل طويل نجاد السيف ليس بجيدر * إذا اهتز واسترخت عليه الحمائل تكاد يداه تسلمان إزاره * من الجود لما أذلقته الشمائل إلى بيته يأوي الضريك إذا شتا * ومستنبح بالي الدريسين عائل تروح مقرورا وهبت عشية * لها حدب تحتثه فيوائل فما بال أهل الدار لم يتصدعوا * وقد بان منها اللوذعي الحلاحل فأقسم لو لاقيته غير موثق * لآبك بالنعف الضباع الجيائل وإنك لو واجهته إذ لقيته * فنازلته أو كنت ممن ينازل لظل جميل أفحش القوم صرعة * ولكن قرن الظهر للمرء شاغل فليس كعهد الدار يا أم ثابت * ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل وعاد الفتى كالشيخ ليس بفاعل * سوى الحق شيئا واستراح العواذل وأصبح إخوان الصفا كأنما * أهال عليهم جانب الترب هائل فلا تحسبي أني نسيت لياليا * بمكة إذا لم نعد عما نحاول إذ الناس ناس والبلاد بغرة * وإذ نحن لا تثنى علينا المداخل شعر مالك بن عوف يعتذر عن فراره يوم حنين : قال ابن إسحاق : وقال مالك بن عوف وهو يعتذر يومئذ من فراره : منع الرقاد فما أغمض ساعة * نعم بأجزاع الطريق مخضرم سائل هوازن هل أضر عدوها * وأعين غارمها إذا ما يغرم وكتيبة لبستها بكتيبة * فئتين منها حاسر وملأم ومقدم تعيا النفوس لضيقه * قدمته وشهود قومي أعلم فوردته وتركت إخوانا له * يردون غمرته وغمرته الدم فإذا انجلت غمراته أورثنني * مجد الحياة ومجد غنم يقسم كلفتموني ذنب آل محمد * والله أعلم من أعق وأظلم وخذلتموني إذ أقاتل واحداً * وخذلتموني إذ تقاتل خثعم وإذا بنيت المجد يهدم بعضكم * لا يستوي بان وآخر يهدم وأقب مخماص الشتاء مسارع * في المجد ينمى للعلى متكرم أكرهت فيه ألة يزنية * سمحاء يقدمها سنان سلجم وتركت حنته ترد وليه * وتقول ليس على فلانة مقدم ونصبت نفسي للرماح مدججا * مثل الدرية تستحل وتشرم شعر لرجل من هوازن يذكر سلام قومه بعد الهزيمة : قال ابن إسحاق : وقال قائل في هوازن أيضاً ، يذكر مسيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مالك بن عوف بعد إسلامه : أذكر مسيرهم للناس إذ جمعوا * ومالك فوقه الرايات تختفق ومالك مالك ما فوقه أحد * يوم حنين عليه التاج يأتلق حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم * عليهم البيض والأبدان والدرق فضاربوا الناس حتى لم يروا أحداً * حول النبي وحتى جنه الغسق ثمت أنزل جبريل بنصرهم * من السماء فمهزوم ومعتنق منا ولو غير جبريل يقاتلنا * لمنعتنا إذن أسيافنا العتق وفاتنا عمر الفاروق إذ هزموا * بطعنة بل منها سرجه العلق شعر امرأة من جشم ترثي أخوين لها أصيبا يوم حنين : وقالت امرأة من بني جشم ترثي أخوين لها أصيبا يوم حنين : أعيني جودا على مالك * معا والعلاء ولا تجمدا هم القاتلان أبا عامر * وقد كان ذا هبة أربدا هما تركاه لدى مجسد * ينوء نزيفا وما وسدا شعر زيد بن صحار في هجاء قريش وقال أبو ثواب زيد بن صحار ، أحد بني سعد بن بكر : ألا هل أتاك أن غلبت قريش * هوازن والخطوب لها شروط وكنا يا قريش إذا غضبنا * يجيء من الغضاب دم عبيط وكنا يا قريش إذا غضبنا * كأن أنوفنا فيها سعوط فأصبحنا تسوقنا قريش * سياق العير يحدوها النبيط فلا أنا إن سئلت الخسف آب * ولا أنا إن ألين لهم نشيط سينقل لحمها في كل فج * وتكتب في مسامعها القطوط ويروى : الخطوط ، وهذا البيت في رواية أبي سعد . قال ابن هشام : ويقال : أبو ثواب زياد بن ثواب . وأنشدني خلف الأحمر قوله : يجيء من الغضاب دم عبيط ، وآخرها بيتا عن غير ابن إسحاق . عبدالله بن وهب يرد على شعر ابن أبي ثواب قال ابن إسحاق : فأجابه عبدالله بن وهب رجل من بني تميم ، ثم من بني أسيد ، فقال : بشرط الله نضرب من لقينا * كأفضل ما رأيت من الشروط وكنا يا هوازن حين نلقى * نبل الهام من علق عبيط بجمعكم وجمع بني قسي * نحك البرك كالورق الخبيط أصبنا من سراتكم وملنا * بقتل في المباين والخليط به الملتاث مفترش يديه * يمج الموت كالبكر النحيط فإن تك قيس عيلان غضابا * فلا ينفك يرغمهم سعوطي شعر خديج بن العوجاء في يوم حنين وقال خديج بن العوجاء النصري : لما دنونا من حنين ومائه * رأينا سوادا منكر اللون أخصفا بملمومة شهباء لو قذفوا بها * شماريخ من عزوى إذن عاد صفصفا ولو أن قومي طاوعتني سراتهم * إذن لما لقينا المعارض المتكشفا إذن ما لقينا جند آل محمد * ثمانين ألفا واستمدوا بخندفا
|